لا تكبت عواطفك، فقَدْرٌ من البوح هو متنفس للأحزان.


السبت، 5 مارس 2011

قصة قصيرة !

العاشق والمكتئب لا يمكن أن ينتجان ! وان كان عاشقا مكتئبا فقل عليه السلام !
رماها هكذا بلا مقدمات رجل مسن للتو جاورني في طائرة ما برحلة داخلية
قالها ونحن بصدد النقاش عن البيئة الإدارية وكيفية رفع الكفاءة الإنتاجية للأفراد
قالها ثم صمت وانشغل بجريدة بين يديه !!
أحسست أن وقعها داخلي وقع الرصاص !
عدلت من جلستي
وأغمضت عيني قليلا
وبلا مقدمات
رأيت صورة ( مهند)
ذاك الرجل الذي يعمل تحت إدارتي
وكان مضربا للمثل في الإنتاجية والمبادرات العملية الرائعة
وفجأة وبلا مقدمات هبط مستوى الأداء لديه بشكل مخيف !!
حتى لم يعد به ما يغري أي إدارة أو حتى قسم لاستقطابه
سوى بعض التاريخ المشع الذي يعيش على أنقاضه
وإلا فهو الآن بقايا موظف حضوره لا يزيد من إنتاجية العمل
وغيابه لا يمكن بأي حال أن ينقص من هذه الإنتاجية
بدأت الطائرة تبتعد عن الأرض
وصورة (مهند) تقترب أكثر مني
وزاد تسارع الطائرة
وزادت معه سرعة طيفه الذي بدأ يمر أمامي عبر شريط ذكرياتي معه
أمعقول أن يكون ( مهند) عاشقا أو مكتئبا !!؟؟
(مهند) الذي يرسم البسمة على شفاه الآخرين ...مكتئب!!
أيعقل أن صانع البهجة في كل محيط ينزل به يعاني من الاكتئاب
سرحت الذاكرة كثيرا للخلف وطوت معها عقد من الزمن مضى
وتذكرت ذلك الدكتور الذي كان يدرس في كلية الصيدلة إبان دراستي بها
وهو يشرح أعراض الاكتئاب !!
نعم,, لقد ذكر منها قلة الإنتاجية !!
الوحشة من الوحدة !
طأطأة الرأس!!
التفكير المستمر والسرحان وقلة التركيز ...
يا ساتر كيف لم انتبه لكل هذا
وقد لمست هذه الأعراض في سلوك(مهند) منذ ما يزيد عن العام !!!
أيعقل فعلا أن يكون مكتئبا !!؟؟؟
ولماذا يكتئب !!؟؟
فكل ما اعرفه من تفاصيل حياته الدقيقة يدعو للبهجة والفرح!!
يا ترى ما هو السبب !!؟؟؟
أيعقل أن يكون عاشقا !!؟؟
وبسرعة البرق تذكرت صاحب لي كان يشكو جفوة محب
ويصف لي حجم المعاناة التي حلت به
من سهر وقلق واكتئاب
وكل ما سبق قد ذكره لي ( مهند) في احد جلساتي الاستقصائية معه
نعم تذكرت لقد قال لي ذات مساء انه يخشى الظلام
يكره النوم
يعشق السهر
آآآآه يا مهند
لقد خذلتني خبرتي أن اكتشف ما حل بك
إلا بعد أن سمعت مقولة هذا الجار المسن
حتى النسيان لقد شكوت لي ذات مرة كثرة نسيانك!!
وقلة تركيزك
نعم بدأت أتذكر كل هذا ..........................
- عصير ولا شاهي !؟؟
بكل صفاقة بادرني مضيف الطائرة سائلا وقطع معها كل استرسالي في حالة (مهند) !!
طلبت عصيرا
التفت لجاري المسن الذي عاجلني بسؤال تهكمي !
لماذا أغمضت عينيك كل هذه الفترة !!؟؟؟
يبدو انك تخاف الإقلاع (قالها وأرفقها بابتسامة صفراء !!)
قلت لا والله
ولكني أخاف العشق والاكتئاب
ابتسم بخبث وقال:
إذا خفت شيء فاهرب منه !!!
قلت: وهل يجدي الهرب من العشق إذا لم يستأذنك!!؟؟
وحل ضيفا بساحتك برفقة الاكتئاب !!؟؟؟
نظر إلي بإشفاق دون أن يعلق
ثم لبس نظارة القراءة وبدا يقرا الجريدة التي بين يديه
أما أنا وطوال الرحلة
فلم أزد عن قول :
كان الله في عونك يا (مهند) !!
حتى هبطت الطائرة وذهبت مسرعا
لصالة القدوم
أتفحص الأوجه بدقة بحثا عن من واعدني باستقبالي
لم يشتت ذهني إلا شخص يربت على كتفي
التفت إليه
إذا هو صاحبي (مهند) وابتسامته التي لا تفارقه تزين ملامحه
سلمت عليه
وأقسم أن يأخذ حقيبتي بنفسه
إلي سيارته
وأخذها ومضى أمامي مطأطأ رأسه
وأنا أتمتم :
كان الله في عونك يا مهند

هناك تعليق واحد:

  1. كتبت تعليقي واختفى بضغطة زر خاطئه

    ملخص ما كتبت.........

    ان الموضوع استثارني.. فلا علاقه للعاشق بالاكتئاب... انما العاشق يطير من فرحه مدام حبيبه يسكنه وهوا قادر على الانتاجيه مادامت حبيبته لم تهجره...

    سلمت يداك يا غالي
    وادم الله الاستقرار بين المحبيبن من اجل انتاجيه اعلى...

    دنو

    ردحذف